[ALIGN=CENTER]فن الرسم اليباني
مزيج من الجمال البدييع والجمال الرهيب[/ALIGN]

في واحدة من رسائله الكثيرة إلى شقيقه ثيو كتب الرسام الكبير فان جوخ عن الرسم الياباني يقول : إني أجد في الرسم الياباني الكثير من الطفولة والعفوية وأجد فيه أيضا دليل أصالة إبداعية .

ولشدة ارتباط اليابانيين بفن الرسم يرددون مثلا قديما بما معناه : القصيدة الشعرية ليست سوي لوحة تشكيلية أضيف إليها الصوت ، واللوحة الفنية ليست غير قصيدة بلا صوت .

بلاد الشمس الساطعة

هذا هو الاسم المرادف للتعريف باليابان في كتب الأدب ودواوين الشعر وهذا البلد الذي يتميز بشمسه الساطعة يتشكل أيضا من مجموعة من الجزر ذات الطبيعة الثائرة فبينما نري الربيع هناك وقد ملأ أرجاء تلك الجزر بالعطور والألوان فنظن عند ذلك أن الحياة طابت واطمأنت ، إذ بها تمتلئ بالرهبة والفزع نتيجة ثورات البراكين والزلازل التي لا تخمد لها حركة مما جعل من فن الرسم هناك مزيجا من الجمال البديع والجمال الرهيب .

الألوان اليابانية

إذا ما أتتيح للرائي مشاهدة لوحة تشكيلية يابانية فانه سوف تتسرب إلى مشاعره الأحاسيس المنعشة بسبب قوة الألوان وهيمنتها السحرية عليه تماما كما يحدث له عند مطالعة الأدب الياباني .

ففي لوحة الفنان : ( لاوقا ياماتو) تمثل عربة يابانية يسحبها ثور سوف يلمس المشاهد بسهولة ذاك الشعور الانطباعي الذي يخلقه الأديب الياباني : ( سي شاناغو) الذي يصف عربة مماثلة علي هذا النحو: لم يكن لعربتنا ستائر وكان ضوء القمر يغور عميقا في الداخل حتى ليسمح لأي ناظر أن يري السيدة الجالسة فيها وهي ترتدي ثمانية فساتين فوق بعضها منها ذلك البنفسجي الخفيف ومن القرمزي إلى الأبيض وفوق هذا كله معطف بنفسجي يلمع تحت أشعة القمر والي جانبها إلى جانب هذه المخلوقة الباهرة الجمال كان سائق العربة بسرواله القصبي ذي اللون النبيذي .

المنابع الفنية

يتحلى الفنان الياباني بالمرونة والمثابرة والرغبة الصادقة في تحقيق حسن الأداء وهو إلى جانب ذلك مدفوع إلى حب الجمال وتقديره وتطبيق مظاهره علي مختلف أعماله الفنية .

واليابانيون – والفنان ابن بيئته - يضعون علامات ترشدهم إلى احسن المناطق التي يمكنهم أن ينعموا فيها بمناظر الطبيعة الجذابة ، ففي فصل الربيع يقيمون الكثير من أعيادهم فتري الأمهات وقد حملن أطفالهن إلى المتنزهات العامة لتغذية الأرواح برؤية أزهار الكرز والمشمش فينشأ الطفل فنانا وقد نالت روحه في مرحلة مبكرة من حياته حب الجمال والطبيعة .

السمات العامة

استنبط الفنان الياباني أسلوبا من الرسم يقوم علي أساس من ورقة طويلة بطول ياردتين تقريبا وبعرض قدم واحد يسعى من خلالها إلى سرد مقاطع من قصة تعبيرية أغني من النثر وأكثر منه إيحاء بالرشاقة الادائية تساعده شفافية ألوانه المائية التي تتطلب قدرة تقنية عالية ودقة متناهية يستطيع بهما هذا الفنان أن يتجاوز السقوط في الأخطاء الجزئية والتي لا يمكن التغاضي عنها ولا يمكن تصحيحها وان أي تردد أو ارتباك في يده سيبدو شديد الوضوح ومهما كانت العلة بسيطة وصغيرة، وتحقيق مستوي أدائي رفيع وإيجاد القدرة علي المزج اللوني وإبراز اعلي الدرجات يفترض ذلك توفر الوعي الفني الشامل والكامل بأصول التركيب والتأسيس الخاصين بهذا الفن ومعرفة بكيفية تجاوز البحث عن التفاصيل المتماثلة ما بين الشيء في اللوحة للوصول – لا – إلى رسم الأشكال كما هي في الطبيعة أو تقليد كياناتها بل إلى الإيحاء بوجودها .

والفنان الياباني لا يمعن نظره في وجوه شخوصه لاكتشاف أسرار ومعاني كينونتهم إنما يفعل ذلك ليدرك حقيقتهم الكلية الممتزجة بكل خفايا الطبيعة وهذا ما يضفي علي التشكيل الياباني مثل هذا الحس الشاعري .

الفنان المتميز

رغم زخم الحركة التشكيلية اليابانية يعد الرسام ( سس شو 1420 – 1507) من اعظم فناني اليابان لما تميزت به أعماله من بساطة قوية وحيوية خارقة وشفافية غنية بتراكم تموجاتها .

وخلاصة هذا الفضاء أن الرسم الياباني لا يقتصر فقط علي أساليبه الكلاسيكية التي عُرف بها أو أنه لم يسهم بدوره في التحولات والتقنيات المعاصرة التي شملت العالم بأسره إنما يعتبر الفنان الياباني مثله مثل اليابان الحديث ككل قد تعامل مع التحديث وتفوق فيه وحافظ في ذات الوقت علي طابعه التراثي الذي صار رمزا لأصالته بين فنون العالم .

المصادر :

1/ التأثيرية والفن الحديث - تأليف : جمال قطب - دار مصر للطباعة - القاهرة 1995

2/ خلاصة تاريخ الطرز الزخرفية والفنون الجميلة - تأليف : أحمد أحمد يوسف - محمد عزت مصطفي - (بدون ذكر الناشر) الطبعة الثانية - القاهرة 1948

-------------------------------------------------
|33| لا حياة بالا فن |33|